النهي عن قرب الزنى، وهو يتضمن النهي، فلم يقل سبحانه: لَا تزنوا، بل قال: لَا تقربوا، وهذا يتضمن النهي عن الزنى وعن كل ما يؤدي - أو يظن أنه يؤدي - إليه، كالقبلة والملامسة، ورؤية الأجزاء المغرية من جسم المرأة، والرقص الذي يثير الغريزة الجنسية، وأصوات النساء المغرية التي تتلوى فيها المرأة بما يثير ويدفع، ونشر الصور العارية، وغير ذلك مما نراه ونسمعه كل يوم، فكل هذا منهي عنه، وهو حرام، لأنه قرب من الزنى أو ذريعة إليه، وكل ما كان حراما في ذاته فذريعته ممنوعة، وهذا باب يسمى في الفقه سد الذرائع، فكل ما يؤدي إلى حرام لذاته يكون حراما لأنه يؤدي إليه.
والزنى يؤدي إلى ضياع النسل، فإذا كان وأد الأولاد محرما؛ لأنه يضعف النسل، فالزنى يضيع النسل، ويذهب بقوة الأمة، وما كثر الزنى في أمة إلا عمها الخراب، وضاعت فيها الأنساب بل ضاع نسلها، واعتبر ذلك بالأمم التي تنحل بشيوع الزنى فيها، فإنه يقل عددها، ويضيع نسلها، ويكثر فيها الأولاد الذين لا آباء لهم، وإن البلاد الأمريكية والأوربية لكثرة الزنى فيها، وانحلالها قل نسلها، والمسلمون مهما تكن حالهم في القرب من الإسلام أو البعد لَا تزال هذه الفاحشة ليست كثيرة فيهم ولكثرتها عند الأمريكان والأوربيين يعملون على إضعاف النسل بين الذين تغيظهم كثرتهم بأمرين:
الأمر الأول: إشاعة اللهو والمجون لتفرغ من الحقائق الإسلامية ولتميع نفوسهم كما ماعوا.
الأمر الثاني: العمل على منع النسل أو منع كثرتهم بدعايات منظمة وأموال يبذرونها في المسلمين لتعم هذه الدعاية فيهم.
وقد وصف اللَّه الزنى بقوله تعالت كلماته: (إِنَّه كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا) وصفه اللَّه سبحانه بأنه فاحشة، أي أنه حال قبيحة مفرطة في القبح زائدة زيادة زيارة، (وَسَاءَ سَبِيلًا)، ساء تستعمل بمعنى أفعل التعجب أي ما أسوأه سبيلا وطريقا في الحياة؛ لأنه اعتداء على الفضيلة، ويؤدي إلى انحلال الأسرة،


الصفحة التالية
Icon