هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَى أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا)، ثم كانت بينهما المحاورة، وسارا فانطلقا حتى إذا أتيا سفينة فركباها فخرقها، (قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا) سارا (حَتَّى إِذَا لَقيَا غُلامًا فَقَتَلَهُ)، قال موسى: (أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَّقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُّكْرًا) فانطلقا حض إذا وجدا أهل قرية فأراد أن يضيفوهما (فَوَجَدَا فِيهَا جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقَامَهُ قَالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا (٧٧)، وقد أجابه بعد ذلك عن السفينة بأن (وَرَاءَهُم مَّلِكٌ يَأخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا)، وعن قتل الغلام بأن أبوِيه كانا صالحين (فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا)، (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا).
ذو القرنين:
بعد ذلك جاء ذكر ذي القرنين: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (٨٣)، ثم ذكر سبحانه أعماله الصالحة وكيف مكَّن اللَّه له في الأرض وهيأ له الأسباب، وبلوغه مغرب الشمس، وعدله مع من ظلم ومع من عدل، وعندما يلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم يجعل لهم من دونها سترا، ثم كان ما من يأجوج ومأجوج، وقد أقام بيضه وبينهم سدا، (فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا (٩٧) قَالَ هَذَا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ رَبِّي جَعَلَهُ دَكَّاءَ وَكَانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا (٩٨).
وقد ذكر سبحانه جزاء جهنم للظالمين وجزاء المتقين، وقال في جزاء الكافرين: (ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا (١٠٦) وبين أن جزاء المؤمنين جنة الفردوس خالدين فيها لَا يبغون عنها حولا، واختتم السورة بهاتين الآيتين: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا (١٠٩) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (١١٠).
* * *


الصفحة التالية
Icon