تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (١٠٣) وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ (١٠٤) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (١٠٥) إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (١٠٦) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (١٠٧) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٠٨) سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ (١٠٩).
وهو نبي من أولي العزم من الرسل، وَجَدُّ خاتم النبيين.
وإن هذا الجزء من قصة إبراهيم فيه علاقة الأبوة بإبراهيم واحترامها والتلطف فيها والرفق بها والمحبة لها.
قال تعالى عنه مخاطبا أباه:
(إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا (٤٢) يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا (٤٣)
ابتدأ بندائه بقوله: (يَا أَبَتِ) وهو نداء المحبة العاطفة المقربة، وذلك شأن الداعي الكامل يبتدئ بما يقرب ولا ينفر.
(إِذْ) متعلقة بـ (اذْكُرْ)، أي اذكر حال دعوته لأبيه تلك الدعوة الرفيقة المقربة الميسرة الهادية المرشدة، وأمر اللَّه تعالى نبيه محمدا - ﷺ - بأن يذكرها في الكتاب لتتلى على الناس ويأخذوها سُنة في الدعوة إلى الحق، وخصوصا الأقربين الأدنين لهم، والتاء في قوله تعالى: (يَا أَبَتِ) عوض عن ياء المتكلم، وذكرها بدل الياء مبالغة في التلطف والرفق، بل ربما يكون فيها من تدلل الأبناء على الآباء معنى محبب مقرب.
وابتدأ بأن قال غير موجه لوما ولكن ساق إرشاده مَساق الاستفهام المستدنى، لا مقام الآمر المستعلي سائلا له سؤال المستفهِم في سياقه، ولكن المنبه بأرفق تعبير: (يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ ولا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا)، لقد وصف معبوده وهو الصنم بثلاث صفات سلبية:
الوصف الأول: أنه لَا يسمع، وكيف يعبد من يسمع ما لَا يسمع، فهو أقل كمالا منه وهو عاجز، لأن عدم السماع عجز.


الصفحة التالية
Icon