والكتاب كما ذكر هو القرآن وهو أكمل الكتب كما نوهنا، ولأن الخطاب للنبي - ﷺ - فالكتاب يكون هو الكتاب الذي نزل عليه وهو القرآن، وقد ذكرنا وجوه كماله، وأنه سجل الأنبياء وشرائعهم الباقية ومعجزاتهم، ولا ترى لها مصدرا متواترا صادقا سواه، كما ذكرنا.
وقد وصفه الله تعالى بأربعة أوصاف تدل على الكمال الإنساني الذي لا يعلو عليه كمال.
الوصف الأول: أنه كان (صَادِقَ الْوَعْدِ)، أي إذا وعد لَا يخيس، ولا يكذب بل ينفذه، وكل الأنبياء كذلك ولكن وصف اللَّه به إسماعيل، لأنه كان أخص أوصافه واشتهر به، فإن إبراهيم أباه عندما رأى الرؤيا بذبح إسماعيل لم يجبن إسماعيل بل قال: (... سَتجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّه مِنَ الصَّابِرِينَ)، وصدق وعده، فاستعد لأن يذبح، وقال اللَّه تعالى: (... يَا إِبْرَاهِيمُ (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا...)، فهو الذبيح الأول، وصدق الوعد والوفاء به والرضا بتنفيذه وعدم الحيف فيه، وقد كان إسماعيل كذلك فيما وعد وأوفى.
الوصف الثاني: أنه كان (رَسُولًا نَّبِيًّا)، كما قال تعالى: (وَكَانَ رَسُولًا نَّبيًّا) فقد جاء بشرائع ومنحه اللَّه تعالى النبوة فقد كان ينزل عليه الوحي، ويكلمه اللَّه تعالى بإحدى طرق الكلام، كما قال تعالى: (وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسولًا...)، وقد يقال: إن شريعته كانت شريعة أبيه إبراهيم، ونقول إنه أرسل بها، ولا مانع من أن يخاطب بالشريعة الواحدة رسولان، وقد ذكر اللَّه تعالى أن إبراهيم كان رسولا وإسماعيل كان رسولا نبيا.
الوصف الثالث: وهو عملي لأنه
(وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ... (٥٥) إن إسماعيل - عليه السلام - كان حقا عليه أن يأمر قومه من العرب بالصلاة والزكاة، ولكن كان


الصفحة التالية
Icon