عَمَّا يَصِفُونَ (٢٢) لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (٢٣) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ هَذَا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٤)
* * *
اللعب هو الفعل الذي لَا مقصد له، ويقال لعب فلان إذا كان فعله، لَا مقصد له أو ما قصد به قصدا جديا له غاية تليق بالحكماء، وأصله كما قال الراغب في مفرداته من اللعاب وهو البزاق السائل الذي لَا يكون إلا ممن لَا يملك قوة مانعة منه، وغير العقلاء، والله سبحانه وتعالى منزه عن أن يفعل فعلا لغير مقصد صحيح، وإن كان لَا يسأل عما يفعل، ولذا قال تعالى:
(وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ)
(السَّمَاءَ) هي كما نعلم طبقات النجوم وأبراجها من شمس وقمر وكواكب ونجوم كل في مداراتها، تربط بينها نواميس الكون التي تسمى أحيانا بالجاذبية، والقصور الذاتي، (وَالأَرْضَ) هي التي نعيش على سطحها، وتشمل الماء الذي يقدر بثلاثة أرباعها، واليابس مما في ظاهرها من جبال هي رواسيها، ووهاد، وأرض مبسوطة، وفيها المزارع الكبيرة، وفي باطنها فلزات وأحجار، وما لَا يمكن زرعه ملأه الله تعالى بالخيرات في باطنه، من معادن سائلة وجامدة.
وفى البحار جواهر ولحم طري من الأسماك وغيرها من ساكنات الماء حتى كان ما فيها من عوالم الأحياء لَا يقل عما هو في اليابس من حيوان مُتَبَدٍّ ومستأنس.
(وَمَا بَيْنَهُمَا) هو الفضاء الذي سخر للإنسان، وفيه السحاب المثقل بالماء ينزل ليروي الحرث والغراس، ويقول سبحانه: (لاعِبِينَ) أي على غير مقصد صحيح نافع هاد ومرشد، فهو خلق هذا كله لحكم أرادها ومقاصد قصدها، وذكر اللعب لبيان نزاهة الله تعالى عن العبث، كما قال سبحانه: (أَفَحَسِبْتمْ أَنَّمَا


الصفحة التالية
Icon