الإتيان إلى الله تعالى في قوله (نَأتِي الأَرْضَ) للإشارة إلى أن ذلك لإرادة الله تعالى الذي ينصر من يشاء ويعز من يشاء، وإذا كان الله تعالى هو يأتي الأرض ينقصها من أطرافها، فإن جنده هم الغالبون؛ ولذلك كان الاستفهام الإنكاري في قوله تعالى: (أَفَهُمُ الْغَالِبُونَ) " الفاء " فاء الإفصاح عن شرط مقدر، تقديره إذا كان الله هو الذي ينقص الأرض من أطرافها فأهم الغالبون، و " الفاء " مؤخرة عن تقديم، أي ليسوا هم الغالبين، وقد أكد النفي المفهوم من الاستفهام. وهذه الآية في معناها ظاهرها أنها نزلت بالمدينة، وإن التمتع لهم ولآبائهم يجعلها أقرب إلى أن تكون مكية، ولعلها نزلت بمكة، ثم نزلت مرة أخرى بالمدينة، وقد جوز العلماء ذلك.
* * *
تلقي الكفار للرسالات
(قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنْذَرُونَ (٤٥) وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٤٦) وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ (٤٧)
* * *
بعد أن ذكر سبحانه وتعالى الإنذارات في الآيات السابقة بين سبحانه أن الإنذار بوحي من الله، وأنه ليس من عند محمد الذي يستهزئون به، إنما هو من عند الله خالق السماوات والأرض، الذي يلجأون إليه عندما يحاط بهم ويضرعون إليه إذا مسهم الضر، ومن كان ملجأ لهم في شدائد هو منزل العذاب في كفرهم، ولذا قال تعالى: