مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٧)
* * *
النداء في قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ) لكل الناس عامة، وللمشركين واليهود خاصة، فإن من اليهود طائفة الصدوقيين لَا يؤمنون بالبعث والنشور، ولا يفهمون من الحياة إلا الدنيا.
(إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ) تخفيف من اللَّه تعالى لحالهم، فليست حالهم حال ريب وشك، بل حالهم حال إنكار، فذكر اللَّه تعالى حال الإنكار، والدليل المبين في جواب الشرط يثبت للمرتاب والمنكر، وإن التعبير بالريب كما قلنا تخفيف من حال المشركين وغيرهم من المنكرين، وهو أيضا فيه تصوير للنفس التي لم تفطر على اليقين، ولا على الإنكار؛ لأنه مغيَّب لَا يُعلم، فقد يعتري النفس شك لأنه لَا يعلم إلا بالنقل، فيكون الخطاب موافقا لكثير من الفِطَر، إذا كان الخطاب يذكر حال الريب دون القطع بالإنكار، وهو فوق ذلك يدعو المنكرين إلى أن تكون حالهم حال ريب وتردد لَا حال قطع وإنكار، بل انتظار حتى يجيء


الصفحة التالية
Icon