واضحات، وأن اللَّه يهدي بهديه من يشاء، فيهدي الناس ابتداء بها، ويزيد بها الذين اهتدوا، وذلك كما يريد، ومن يريد، وسلك طريق الحق، واتجه إليه غير ملتفت لسواه.
وبين بعد ذلك سبحانه أن الناس جميعا مجزيون بعملهم يستوي في ذلك المؤمن والمشرك واليهودي، والنصراني والصابئ، فقال عز من قائل:
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧) الناس جميعا يوم القيامة تميزهم أعمالهم، وهي التي ينالون بها الجزاء عقابا أو ثوابا، والفاصل بينهم هو أحكم الحاكمين رب العالمين وأعمالهم هي التي تقدمهم.
وقد ذكر سبحانه أصنافا ستة، وهم: المؤمنون، واليهود، والصابئون (وهم عبدة الكواكب الذين ادعوا دخولهم في النصرانية عندما أرادهم المأمون الخليفة العباسي على أن يدخلوا في دين كتابي، وهم أخفى الناس لاعتقاد)، (وَالنَّصَارَى) على اختلاف طوائفهم ما بين كاثوليك وأرثوذكس، وإنجيليين، (وَالْمَجُوسَ)، وهم عبدة النار، (وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)، أي الذين أشركوا مع اللَّه تعالى غيره في العبادة، وبهذا يدخل فيهم الذين قالوا: إن الملائكة بنات اللَّه، ويدخل البراهمة؛ لأنهم قالوا: إن كرشنة ابن اللَّه، وهم يصورون آلهتهم بتماثيل، كما يدخل البوذية؛ لأنهم قالوا إن بوذا ابن اللَّه، ويدخل الكونفوشيوسية الآخذون بتعاليم كونغ فوتس الذي حُرِّف بكونفشيوس، وهكذا فهم يدخلون في المشركين؛ لأن الإشراك غير مقصور على العرب الأقدمين، بل هو فيهم وفي غيرهم مع ملاحظة أن كونغ فوتس بوذي الديانة ولكن له مذهبا خلقيا أخذ به أهل الصين.
وإن ذكر هؤلاء جميعا في موضوع واحد متعاطفين يدل على أمرين: