عَلَيْهِ الْعَذَابُ)، أي ثبت لهم ولازمهم وكان عذابهم بحق لأنهم ظلموا أنفسهم والناس، وضلوا ضلالا بعيدا بعد أن جاءهم المرسلون، وقد كذبوا، وآذوا المؤمنين، وعاندوا الحق، وجحدوا به واستيقنته أنفسهم.
وإن الله قسم الناس، مهتد مكرم، ومهين قد لازمته الإهانة، ولا يمكن أن يكرمه أحد أبدا؛ ولذا قال تعالى: (وَمن يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِن مُّكْرِم) وإهانة الله تعالى لمن يكتب له في لوحه المحفوظ وقدره المحتوم، إنما تكون لمن سلك سبيل الغواية، وسد مسامع الهداية، فيأخذه سبحانه إلى مواطن الهوان، فبفعله هانَ، وبإعراضه عن الحق مريدا مختارا عُذِّب، وحق عليه العذاب فما لأحد أن يكرمه، ولا يمكن أن يُمكَّن من ذلك، ولا قدرة له عليه.
وقد أكد سبحانه إرادته الخالدة فقال: (إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ)، أي مما يريده ويشاؤه ويحبه، وليس لأحد من خلقه عنده إرادة (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)، وأعمالهم في سلطان إرادة الله سبحانه وتعالى فلا تخرج حركة عن حركة إلا بإذنه، وهو السميع العليم، وقد أكد سبحانه أن له وحده المشيئة المطلقة، والإرادة المختارة بـ (إِن) المؤكدة، وبذكر لفظ الجلالة الذي يدل على الإرادة المطلقة، والاتصال بكل كمال، والله على كل شيء قدير.
* * *
الخصمان أمام الله يوم القيامة
قال الله تعالى:
(هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيَابٌ مِنْ نَارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُءُوسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠) وَلَهُمْ مَقَامِعُ مِنْ حَدِيدٍ (٢١) كُلَّمَا أَرَادُوا