تأكلون، ثم ذكر ما أنعم اللَّه به من شجرة الزيتون التي تنبت في سيناء، وبين نعم اللَّه تعالى في الأنعام، والعبرة في أنه سبحانه وتعالى يسقينا ما في بطونها، وما فيها من منافع، ونأكل من لحمها.
وذكر سبحانه وتعالى خبر قوم نوح وكفرهم وما آل إليه أمرهم بعد أن صنع الفلك ونجا هو وأهله ومن اتبعه، ثم بين سبحانه أنه بعد أن أغرق قوم نوح أنشأ من بعدهم قرنا آخرين، وأرسل فيهم رسولا وكذبوه، وكان ما سوغوه لأنفسهم من كفر أنه بشر مثلهم، وأنه ينذرهم بالبعث، فقالوا: (هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (٣٦) إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (٣٧).
ورموا رسولهم بالكذب وقالوا: (إِنْ هُوَ إِلَّا رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (٣٨)، فاتجه رسولهم إلى ربه يستنصر به، قال: (قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (٣٩) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (٤٠).
ثم بين بعد ذلك ما نزل بهم من عذاب ساحق (فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٤١).
بعد ذلك أشار الله تعالى إلى قصة موسى وهارون وإرسالهما (إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا عَالِينَ)، استغربوا أن يؤمنوا لموسى وهارون، وقومهما مستعبدون لهم، فكذبوهما، وكانوا من المهلكين، (وَلَقَدْ آتَيْنَا موسَى الْكِتَابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ)، وجاء من بعد موسى عيسى ابن مريم، (وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً وَآوَيْنَاهُمَا إِلَى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرَارٍ وَمَعِينٍ (٥٠).
وبعد ذلك وجه اللَّه تعالى خطابه للرسل عامة فقال: (يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (٥١) وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (٥٢)
ولنبين بذلك وحدة الرسالة الإلهية، ولكن الناس تقطعوا أمرهم وكل حزب بما لديهم فرحون، واغتر الأكثرون بما أوتوا من مال وبنين، (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٦).