المدلولات المعروفة آنذاك، ولم يبق إلا أنْ يفسّر اللَّحن بوجوه القراءة".
ولنتأمّل تأويل الإمام أبي عمرو الداني ما نُسِب إلى أُم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها -: "تأويله ظاهر، وذلك أنّ عروة لم يسأل عائشة فيه عن حروف الرسم التي تُزاد فيها لمعنى وتنقص منها لآخر، تأكيداً للبيان وطلباً للخفة - وإنما سألها فيه عن حروفٍ من القراءة المختلفة الألفاظ المحتملة الوجوه، على اختلاف اللغات التي أذن الله - عز وجل - لنبيّه - ﷺ - ولأُمته في القراءة بها، واللّزوم على ما شاءت منها تيسيرا لها وتوسعةً عليها، وما هذا سبيله وتلك حاله، فعن اللَّحن والخطأ والوهم والزلل بمعزل؛ لفشوّه في اللغة ووضوحه في قياس العربيّة، وإذا كان الأمر في ذلك كذلك، فليس ما قصدته فيه بداخل في معنى المرسوم، ولا هو مِنْ سببه في شيءٍ، وإنَّما سمّى عروة ذلك لحناً وأطلقت عائشة على مرسومه كذلك الخطأ، على جهة الاتّساع في الأخبار وطريق المجاز في العبارة؛ إذ كان ذلك مخالفاً لمذهبهما وخارجاً عن اختيارهما.
وكان الأَوْجه والأَوْلى عندهما والأكثر والأفشى لديهما لا على وجه الحقيقة والتحصيل والقطع، لِمَا بينّاه من جواز


الصفحة التالية
Icon