وزاد هذا الأمر إيضاحاً ابن المنيِّر بقوله: "وليس غرضنا تصحيح القراءة بقواعد العربيّة، بل تصحيح قواعد العربيّة بالقراءة".
الوجه الثاني: القرآن الكريم ثابت بالتواتر، فردَّ القراءة المرويّة بالتواترة إذا لم توافق قاعدة - عند بعضهم - لا يصحُّ، يقولُ الشيخ عبد الرحمن الجزيريّ:
"قواعد النحو والبيان التي يقول عنها المبشّرون، إنما هي موضوعة على أساس القرآن الكريم؛ لأنه هو الأصل العربيّ الذي تواتر عن محمّد رسول الله العربيّ، وتحدّى به أفصح العرب منطقا وأبلغهم قولا، فعجزوا عن الإتيان بمثله؛ فكلّ ما يخالفه من العبارات يكون غير عربيّ بدون نزاع، فهل يظنّ هؤلاء الجَهَلة أنّ قواعد سيبويه والخليل أصلٌ يطبق عليها القرآن، فيقال لما خالف هذه القواعد: إنّه لحن؟! إنْ كانوا يظنّون ذلك، فقد بلغ بهم الجهل غايته؛ لأنّ الواقع أنّ قواعد الخليل وسيبويه وغيرهما مِنْ واضعي العلوم العربيّة إنَّما تكون صحيحة إذا وافقت القرآن الكريم، أمّا إذا خالفته في شيء لا يمكن تأويله، فإنّه يكون غلطاً بلا نزاع؟ فهل يصح لعاقل يعرف الخطأ من الصواب أنْ يقول بعد ذلك: إنّ في القرآن لحناً يخالف تلك القواعد؟!