وهذا الذي نقله الظَاعن موجود ذَكَره العلماء، قال أبو البقاء العكبريّ: "قوله: (الذى اسْتَوْقَدَ): (الَّذِي) - ها هنا - مفرد في اللّفظ، والمعنى على الجمع؛ بدليل قوله؛ (ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ)، وما بعده.
وفي وقوع المفرد - هنا - موقع الجمع وجهان:
أحدهما: هو جنس، مثل: مَنْ، ومَا؛ فيعود الضميرُ إليه تارةً بلفظ المفرد، وتارة بلفظ الجمع.
والثاني: أنّه أراد الذين؛ فحُذفت النون لطول الكلام بالصِّلة، ومثله: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) ثم قال: (أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) ".
وعقَّب السمين الحلبي على قول أبي البقاء العكبريّ بالتضعيف، فقال:
"ووَهِمَ أبو البقاء، فجعل هذه الآية من باب ما حُذِفَتْ منه النونُ تخفيفاً، وأنّ الأصلَ: الذينَ، ثم خُفف بالحذفِ، وكأنه جَعَلَه مثلَ قوله - تعالى - في الآية الأخرى: (وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا)، وقول الشاعر:

وإنَّ الذي حَانَتْ بفَلْجٍ دماؤُهُمْ هم القومُ كلُّ القومِ يا أمَّ خالدِ
والأصل: كالذين خاضُوا، وإن الذين حانَتْ، وهذا


الصفحة التالية
Icon