يعلموا أنَهم لا يقدرون عليه، فقد علموا أنّهم يقدرون عليه، ثم قال: (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ)، أي: وليعلموا أنّ الفضل بيد الله، فيصير التقدير: إنّا فعلنا كذا وكذا لئلا يعتقد أهل الكتاب أنَهم يقدرون على حصر فضل الله وإحسانه في أقوامٍ معيّنين، وليعتقدوا أنّ الفضل بيد الله.
واعلم أنّ هذا القول ليس فيه إلَّا أنا أضمرنا فيه زيادة، فقلنا في قوله: (وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ) تقدير وليعتقدوا أنّ الفضل بِيَدِ اللَّهِ.
وأمّا القول الأوّل: فقد افتقرنا فيه إلى حذف شيء موجود، ومِنَ المعلوم أنّ الإضمار أوْلى من الحذف؛ لأنّ الكلام إذا افتقر إلى الإضمار لم يُوهم ظاهره باطلا أصلا.
أما إذا افتقر إلى الحذف كان ظاهره مُوهِما للباطل، فعلمنا أنّ هذا القول أوْلى، والله أعلم ".
ولقد تنبَّه العلماء إلى خطر (الزيادة)، فوضَّحوه، وحذّروا من استعماله:
يقول الإمام ابن تيمية: "ولا يذكر فيه لفظا زائدا إلَّا لمعنى زائد، وإنْ كان في ضمن ذلك التوكيد، وما يجيء من زيادة اللفظ في مثل قوله: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ)،