فإذا كان الموضع من مواضع الإطناب في الوصف، خُولِف في إعراب الأوصاف، ليكون المقصود أكمل؛ فالكلام عند اختلاف الإعراب يصير كأنّه أنواع من الكلام وضروبٌ من البيان والخطاب. أمّا عند اتحاد إعرابه يكون وجها واحداً وجملة واحدة.
وأمّا مِنْ حيث الإفادة، فتغيّر الأسلوب والتفنّن في الخطاب له أثرٌ جليلٌ من الناحية النفسية؛ لأنّه يجذب الانتباه، ويُوقظ الشعور، وبحمل على التساؤل والبحث.
وبعد أن كشفنا باطل هؤلاء الذين جعلوا بلاغة القرآن مشكلاً، بل لحناً وتكلّفاً، نُجيب على تساؤل صاحب (تذييل مقالة في الإسلام) عندما قال: "لماذا استحقّ الصابرون هذا المدح؟ " بما أجاب به الدكتور أبو شهبة، وهو: "وإنّما غاير في الأسلوب، ولم يأت على نَسَق ما سبقه تبياناً لفضيلة الصبر،
وبيان منزلته من البرّ؛ فكأنَّ الله - سبحانه - يبيّن لنا أنه، وإن جاء في الذكر آخراً، فهو بمكان من الفضيلة والمَثوبة الحسنة".
وبهذا يظهر تهافت وبهتان الطَّاعنين الجاهلين في أساليب العربيّة الذين يريدون تشكيك أُمّة الإسلام بكتابها، ولكن... هيهات.