بدا لِيَ أنّي لستُ مُدْرِكَ ما مضَى | ولا سابقٍ شيئاً إذا كان جائيا |
فإنما جَروا هذا؛ لأنّ الأوّل قد يَدخله الباء، فجاؤوا بالثاني، وكأنهم قد أثبتوا في الأول الباء، فكذلك هذا. لمّا كان الفعلُ الذي قبله قد يكون جزماً ولا فاءَ فيه تكلموا بالثاني، وكأنهم قد جزموا قبله، فعلى هذا توهَّموا هذا".
وهناك مَنْ لم يرتضِ التعبير بالتوفم؛ لقبح التعبير به في كتاب الله. قال السمين الحلبي:
"ونظَر سيبويه ذلك بقول زهير:بدا لِيَ أنّي لستُ مُدْرِكَ ما مضَى | ولا سابقٍ شيئاً إذا كان جائيا |
فخفضَ "ولا سابقٍ " عطفاً على "مُدْرِكَ " الذي هو خبر "ليس " على توهُّم زيادةِ الباءِ فيه؛ لأنه قد كَثُرَ جَر خبرِها بالباء المزيدة، وهو عكسُ الآية الكريمة؛ لأنه في الآية جُزِمَ على توهُّم سقوط الفاء، وهنا خُفِضَ على توهُّم وجودِ الباء، ولكنَ الجامع توهُّمُ ما يقتضي جوازَ ذلك، ولكني لا أُحِبُّ هذا اللفظَ مستعملاً في القرآن، فلا يُقال: جُزم على التوهّم لقُبْحه لفظا".
فالعطف على الموضع هو المرجح، وهذا خير من