والاشتغال بتفسير القرآن خير الاشتغال؛ لأن الاشتغال يأخذ حكمه بناء على قيمة العلم المشتغل به، فكلما دنا دنا، وكلما علا علا، والاشتغال بالقرآن خير الاشتغال، لأن القرآن خير الحديث، فهو كلام الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرُ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرُّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ... (مسلم: ١٤٣٥)
ولا بد لقارئ القرآن من التدبر في الآيات، والتفكّر في المعاني ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُوْنَ القُرْآنَ﴾ (النساء: ٨٢) ولا يكون ذلك دون معرفة التفسير.
جهود السابقين:
ولأجل هذا بذل السابقون الجهود في تفسير القرآن، فمنهم من اهتم بالحديث والأثر، ومنهم من اهتم بالاجتهاد بناء على الحديث والأثر، ومنهم من اهتم بالبيان والبلاغة، ومنهم من اهتم بالنحو، ومنهم من اهتم بمجادلة أهل العقائد الهالكة، ومنهم من اهتم بالأحكام، إلى غير ذلك من الاهتمامات، كلٌ منهم اهتم بما يجد الحاجة إليه، أو يجد أنه بارع فيه.
ولا بد من العلم أن كل أهل عصر صنَّفوا من التفاسير ما يناسب عصورهم في الأسلوب أو المحتوى.
سبب التأليف:
طلب إليَّ غير واحد ممن أحسب فيه الخير، وممن يتشوّق إلى معرفة تفسير القرآن، طلبوا إلي أن أكتب تفسيراً سهلاً ميسَّراً، أي يريدون تفسيراً تعليمياً، ففكرت في الأمر مليّاً؛ لأن التفاسير التي تحوي التفصيل لا يصل إلى فهمها إلا أهل التفسير أو طلابه الحاذقون، والتفاسير السهلة ما هي إلا تفاسير للمعنى الإجمالي، والذي لا يروي ظمأ كثير ممن يريدون معرفة الكثير عن كتاب الله، ولكن ظل الأمر في خانة الأمور المؤجلة إلى أن يُحدث الله أمراً.
ومرَّ زمن وأنا أقول: وما الداعي إلى كتابة هذا التفسير، أهو نسخ ما كتبه السابقون فقط؟!!
ولكن بعدما اتضح في فكري صورة هذا التفسير أقدمت عليه، سائلاً الله سبحانه القبول والتسديد.