موجوداً وبقي ولم يُترجم ترجمة حرفية أضافت عليه وغيرت فيه وأصبحت هي الأَوْلى بالمتابعة والنقل والمقابلة، لكانت المقارنة بين لغة واختها، وما دامت الكلمات تحمل المعاني فلن نختلف عليها، أما ما نحن فيه فلا وجه لمعرفته إلا بالإثبات التاريخي الأثري، وهو معدوم كليّا بسبب جواز الترجمة الحرفية لمعاني الكلمات في الكتاب المقدس من أصله الأول، هذا أولاً، وثانياً بسبب فقدان الأصل وبقاء الترجمة. وهذه الحجة هي أول حجة لأصحاب المذهب البروتستانتي في النصرانية على غيرهم من النصارى عند ظهور مذهبهم في القرن السادس عشر ميلادي، فرفضوا كثيراً من أسفار العهد القديم وقالوا:"إن الأصل العبراني لهذه الأسفار مفقود، والموجود هو ترجمة لها." (١)
ثانياً: كتابة النص بحرف غير الحرف المنزل
كما في العهد الجديد والقديم، فقد اختلفوا على أصل كتابة الإنجيل أهي بالعبرية أم بالسريانية رغم أن لغة المسيح عليه السلام عبرية، كذلك العهد القديم إلا أن اليهود كتبوه باللغة العبرية ولكن بأحرف كنعانية فينيقية، إلى أن اتخذوا الخطوط المربعة من الآرامية وكتبوه بها بعد مئات السنين، وأقدم النصوص للعهد القديم بما حوته من اختلاف بين أصولها وانعدام التطابق في محتواها سواء النصوص اليونانية أو العبرية أو السامرية لا تتعدى المئة الرابعة قبل الميلاد بافضل الأحوال، وهو التاريخ التقريبي للبدء بكتابة العهد القديم بالكتابة العبرية المستحدثة، وقد حدثت بعد السبي البابلي على يد الكاهن عزرا وهو موظف رفيع في بلاط ملك فارس، بعد أن استولى ملك الفرس كورش الثاني أو كورش الأكبر (٥٥٩ - ٥٣٠ق. م) على بابل وأسس الدولة الإخمينية، وسمح لبني إسرائيل بالعودة إلى القدس بعد أن سباهم نبوخذنصر إلى بابل، وذكر في العهد القديم ما يفيد أن الكاهن عزرا كتبها وهو هناك وبمباركة الملك أرتحششتا أو أرتحشستا