ومجهولون بالكلّية، ومع ذلك يعتبرونها وحي من السماء! هذا من باب، ومن باب آخر تجد في بعض أسفارهم كلاماً عن تكفير بعض أنبيائهم وتفسيقهم والوعيد لهم من الله بالعذاب والسبي والقتل بزعمهم! كما جاء على لسان النبي إرميا بعد تنبؤه بخراب أورشليم على يد البابليين، لأنه لم يبق في بلادهم خير ولا أحد منهم يقول الصدق بحسب كلامهم، وقد عبدت الأصنام في أرجاء أورشليم وساد الكهنة على الهيكل (وفيه كانت التوراة بخط موسى محفوظة بحسب كلامهم)، يقول في سفر إرميا - الترجمة العربية المشتركة - (الإصحاح ٢٣): ((١١) النَّبيُّ والكاهنُ كافران، وفي هيكلي وجدْتُ شَرَّهما (١٣) في أنبياءِ السَّامِرةِ رأيتُ حماقةً: يتَنبَّأونَ بِاسمِ الإلَهِ بَعلٍ ويُضلِّلون شعبي إسرائيل (١٤) وفي أنبياء أورشليم رأيتُ العَجب: يَسلُكونَ طريق الزِّنى والزُّور، ويُشَجعون مَنْ يفعلون الشَّر لِئلا يرجعوا عن شرِّهم. فصاروا لي كلهم كسدوم، وصار سكانها كعمورة (١٥) وقال الرّبُّ القديرُ على الأنبياءِ: ((سأُطعِمُ أنبياءَ أُورشليمَ عَلْقَمًا وأسقيهِم سَمُا، فَمِنهُم خرَج الكُفْرُ إلى كُلِّ الأرضِ)) (١٦) وقالَ الرّبُّ القديرُ:

((لا تَسمَعوا لِكَلامِ الأنبياءِ الذينَ يتَنَبَّأونَ لكُم ويَخدَعونَكُم. هُم يتَكَلَّمونَ بِما يتَراءى لهُم، لا بِما أقولُ أنا الرّبُّ ) وهذا الكلام في فترة دقيقة من تاريخ بني إسرائيل وتاريخ الكتاب المقدس بحد ذاته، فإن كان أنبياؤهم كفرة وفجرة بزعمهم فكيف بمن كتب هذه الأسفار وهو مجهول؟!
ناهيك عن إقحام الكلام في الأسفار الخمسة الأساسية وظهور الفرق بين الجمل المقحمة والمعلومات المكذوبة وبين السياق العام للنص، من ذلك إقحام قصة صراع يعقوب مع الله وكيف صرع يعقوب ربه في سفر التكوين (إصحاح ٣٢ فقرة ٢٣) فلا السياق ولا المعنى ولا الموقف ولا حتى الأسلوب يساعد على هضم هذه المعلومة في وسط سياق مكون من خمسين إصحاحاً.


الصفحة التالية
Icon