وماذا بعد إعجازهم في النظم إلا الإيمان أو الكفر بالتنزيل وغايته، - وهو ما جاء بعد ذكر الرسول - فغاية التنزيل هي تبليغ الرسالة على لسان الرسول - ﷺ - وهدف الرسالة تبيان الحق، والحق هو أن يعبدوا من خلق وحده، لأنه الأحقّ بالألوهية حتى ولو أثبتوا له الربوبية (باعتقادهم أنه الخالق). وكل ما ذكرت هو شرح كلمة (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وينطبق عليها، ولا يخالف أيّاً من سلاسل النظم المعروفة في القرآن، كقولنا إنها احتوت على الأخبار والتشريع والآداب وقصدنا بالآداب ما هو في علم الغيب والإعجاز في ضرب الأمثال، ولا يخالف ما استنبطه النورسي في إشارات الإعجاز عن المقاصد الأساسية في القرآن بقوله: "إن المقاصد الأساسية من القرآن وعناصره الأصلية أربعة: التوحيد والنبوة والحشر والعدالة" (١)، والتي تظهر في بيان المقاصد من إشارات الإعجاز، والتي تمثل بحسب قوله: "تفسير جملة من رموز نظْمِ القرآن؛ لأن الإعجاز يتجلى من نظمه. وما الإعجاز الزاهر إلا نقشُ النظم." فسياق النظم هنا متين وواضح ومفهوم بهذا النسق، ومترابط مع غيره من أساليب النظم وكأنها سلاسل محكمة الربط بحلقات متينة، في سقف لا يبلغه أحد من البشر، وهذا من أعاجيب البلاغة، أما الإعجاز هنا - في ذكر الحروف - فيكمن باستبدال الحرف الأول (الحلقة الأولى من السلسلة) بكلمة أو كلمات، بما يليق بالتسلسل في اللفظ والإعراب، ويعطي ذات المعنى، ولا يخالف غيره مما فيه من سموٍّ في البيان وإيضاحٍ للمقاصد، ليكون بذلك قد اشتمل على الأقوال المأثورة من فهم التابعين وما أخذوه عن الصحابة، وما فهمه علماء التفسير واللغة والبلاغة، من غير إخلال في نظم بداية

(١) إشارات الإعجاز - الرحمن علّم القرآن من مقدمات الكتاب


الصفحة التالية
Icon