لو أثبتنا أن بالإمكان الإشارة لهذه الصفات باحتمال آخر لا يشتمل إلا على حروف مثلها ولا يضيف على معانيها شيئاً آخر، لما جاز لنا إثباته كدلالة لمضمون هذه الحروف، ولسقط احتجاجنا به، فهل هناك احتمال آخر؟ أقول: نعلم جميعاً أن عدد حروف العربية ثمانية وعشرون وهو عدد من مضاعفات السبعة، وهذا الرقم بحد ذاته عجيب هو ومضاعفاته عند دخوله في مجال الإحتمالات، ولو فصّلنا حروف العربية بين صفاتها: المهموس ١٠ والمجهور ١٨ والشديدة ٨ والرخوة ٢٠ (منها ٥ متوسطة الرخاوة و ١٥ رخوة) والمطبقة ٤ والمنفتحة ٢٤ والمستعلية ٦ والمنخفضة ٢٢، وأخرجنا نسبة الحروف في كل صفة لمجمل الحروف الـ ٢٨، لوجدناها تحمل الرقم المتكرر اللانهائي (. ،١٤٢٨٥٧) وهو ما ينتج عادة من قسمة الواحد على السبعة (١/ ٧) وهو رقم غير كسري (١)، وبوجوده لا يمكن ذكر بعض هذه الحروف باحتمال متسق لتدل على مجملها، وذلك لكون نسبة الاحتمال بالمحصلة رقم غير كسري ولا نهائي، ولاستحالة ذكر نصف الحرف أو ربعه أو جزء منه مثلاً، بل لا يمكن ذكرها إلا من أربعة وجوه فقط، وهي ذكر ربعها أو نصفها أو ثلاثة أرباعها أو بذكرها كلها، لأن نسبتها أرقام صحيحة، (٢) ولو أردنا ذكر الربع أو الثلاثة أرباع لاستحال تربيع حروف الصفة الواحدة، لكونه يشمل الـ ١٠ و ١٨ ولا مجال لتربيعها من غير تقسيم الحرف الواحد، يبقى أن نذكرها كلها أو نصفها، ولو ذكرناها كلها لأشارت لذات الحروف وضاعت الصفات فيها من غير إشارة، إذن لا مجال للدلالة على صفات الحروف بمجرد ذكر بعضها إلا بتنصيفها، ويستحيل

(١) ولاحظ حيثيات الرقم باحتوائه ١٤ و٢٨ و٥٧ والأخير حاصل مجموع (٢٨+٢٩) أو نصف عدد السور ١١٤/ ٢، وليست بدليل على شيء في عالم الأرقام، ومن زعم أنها دليل على شيء فقد كذب لأنها أرقام دائرية تتكرر وليست الغاية منها رقمية. فتنبه من الفهم السقيم.
(٢) ٧/ ٢٨ = ١/ ٤، ١٤/ ٢٨ = ١/ ٢، ٢١/ ٢٨ = ٣/ ٤، ٢٨/ ٢٨ = ١ أرقام كسرية صحيحة


الصفحة التالية
Icon