آية عناداً ومكابرة ﴿أو جاء معه ملك﴾ أي ليؤيد كلامه وليشهد له... ﴿إنما أنت نذير﴾ فبلغهم ما أرسلت به فيقولون لك ما يقدره الله لهم فلا يهمنك فليس عليك إلا البلاغ." (١) إذن فالآية من شطرين أساسيين الأول: ﴿فَلَعَلَّكَ تَارِكٌ بَعْضَ مَا يُوحَى إِلَيْكَ وَضَائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ﴾ والثاني: ﴿إِنَّمَا أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ﴾ أما الأول: "لعل للترجي وهو يقتضي التوقع ولا يلزم من توقع الشيء وقوعه ولا ترجح وقوعه لجواز أن يوجد ما يمنع منه، فلا يشكل بأن توقع ترك التبليغ منه - ﷺ - مما لا يليق بمقام النبوة، والمانع من ذلك فيه عليه الصلاة والسلام عصمته كسائر الرسل الكرام عليهم السلام عن كتم الوحي المأمور بتبليغه والخيانة فيه وتركه تقية، والمقصود من ذلك تحريضه - ﷺ - وتهييج داعيته لأداء الرسالة، ويقال نحو ذلك في كل توقع نظير هذا التوقع، وقيل: إن التوقع تارة يكون للمتكلم وهو الأصل لأن المعاني الإنشائية قائمة به، وتارة للمخاطب، وأخرى لغيره ممن له تعلق وملابسة به، ويحتمل أن يراد هنا هذا الأخير ويجعل التوقع للكفار، والمعنى أنك بلغ بك الجهد في تبليغهم ما أوحى إليك أنهم يتوقعون منك ترك التبليغ لبعضه، وقيل: إن لعل هنا ليست للترجي بل هي للتبعيد، وقد تستعمل لذلك كما تقول العرب: لعلك تفعل كذا لمن لا يقدر عليه، فالمعنى لا تترك." (٢)، وهذا معلوم عند أهل العربية، وفيها أقوال عديدة أيضاً، ولكن التحديد (ببعض*) هو غير المعلوم وهو موطن الشبهة في الفهم السقيم للآية، "وبعض ضد كل" (٣)، "وهو تجزئة للشيءِ" (٤)، وقد تشير إلى الكل "وليس في هذا معنى الكل" (٥)، أي لو ترك
(٢) روح المعاني للألوسي (١٨/ ١٢)
(٣) لسان العرب - مادة بعض
(٤) مقاييس اللغة - مادة بعض
(٥) لسان العرب - مادة بعض