والجواب هو: أن هذا التفصيل فيه الحق والبيان، ولكن تقييد القرآن به باطل، ومن أخذ به واكتفى حكم على القرآن بمشابهة كلام البشر، وحكم على نفسه بعدم فهم القرآن كما ينبغي، وما هذا التقييد إلا نتاج حديث ضعيف آمن به بعض كبار المفسرين فضلاً عن طلبة العلم، وهو ما ذكره القرطبي في تفسيره "عن علي رضي الله عنه وخرجه الترمذي قال: سمعت رسول الله - ﷺ - يقول: "ستكون فتن كقطع الليل المظلم. قلت يا رسول الله وما المخرج منها؟ قال: كتاب الله تبارك وتعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله... (إلى آخر الحديث) " (١) فهذا تقييد للقرآن، فإن كان الحق كله في هذا التفصيل، فأين نفصل الردود على شبه المشركين في القرآن؟ والتي جاءت في أغلب السور المبتدئة بالفواتح (ومعظمها مكيّ كما نعلم) وهي مما إمتاز به القرآن عن غيره من الكتب، فهل من كتاب في الدنيا يدعو صاحبه لإيجاد نقص فيه ويتحدى الناس جَمِيعًا بإقامة الحجج والبراهين؟ ولو كان بشرياً لاقتصر على هذا التفصيل فقط! فهذا التفصيل وإن كان فيه حق، واتباعه طريق سليم لفهم الآيات، إلا أن تقييد القرآن به كان سبباً لبعد الناس عن فهم القرآن، والأخذ به سبب لفهم القرآن إن أخذنا التفصيل كما فعلنا فيما هو ظاهر في سورة القلم. ولهذا