بالتفسير وإعطاء المعاني «ولما يأتهم تأويله» أي لم يعلموا بعد بما يؤول إليه ما نزل من الكتاب عليهم.
أما المدني فنزل على الرسول - ﷺ - ومن تبعه من أصحاب في عصر بناء المجتمع الإسلامي بالتشريع الإلهي، لتنظيم العلاقات بين البشر وخالقهم من جهة، وبين البشر أنفسهم من جهة أخرى. فكان التأويل بينهم كما جاء في الآثار: "عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي - ﷺ - يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي"يتأوّل القرآن" (١)، قال صاحب اللسان عن بيان الحديث: "تعني أَنه مأْخوذ من قوله تعالى: فسبح بحمد ربك واستغفره" (٢)، وعنها رضي الله عنها: "أن الصلاة أول ما فرضت ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر. قال الزهري: فقلت لعروة: ما بال عائشة تتم في السفر؟ قال إنها تأولت كما تأول عثمان" (٣)، قال في اللسان: "قوله «قال تأولت إلخ» كذا بالأصل. وفي الأساس: وتأملته فتأولت فيه الخير أي توسعته وتحرَّيته كما تأَوَّل عثمانُ؛ أَراد بتأْويل عثمان ما روي عنه أَنه أَتَمَّ الصلاة بمكة في الحج، وذلك أَنه نوى الإِقامة بها." (٤) فالتأويل عندهم كان ما دل عليه القرآن، وبعرفهم هو التطبيق والتوسع في فهم المقاصد، وهو ما أتى الأمر به على الوجوب بقوله تعالى ﴿فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ﴾ أي اتبع ما يقوله القرآن، وجاء في هذا المعنى: "عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة عن آية من القرآن فقال: إتق الله وقل سداداً، ذهب الذين يعملون
(٢) لسان العرب - مادة أول
(٣) رواه البخاري (٤٤/ ٢) ومسلم (٤٧٨/ ١) وابن راهوية (١٠٦/ ٢) وابن أبي شيبة (٣٣٩/ ٢) والدارمي (٤٢٤/ ١) وغيرهم واللفظ لمسلم.
(٤) لسان العرب - مادة أول