شيئاً في مجلس ويقولون غيره مما لا يناقضه في مجلس آخر بحسب السؤال، فينقل عنهم هذا وذاك، بفهم من نقل هذا ومن نقل ذاك، والرابط بينهما فهم الصحابي وليس فهم الناقل ومن كتب عنهم، ولا سبيل للوصول لهذا الرابط إلا بجهد أكبر، مما صعّب المهمة على علماء الحديث عند البدء بجمع مرويّ التفاسير.
الرابع: إنّ نصوص الأحكام يراعى فيها تصحيح وتضعيف المتن كما يراعى فيها تصحيح وتضعيف السند، ومن أراد الحكم على متن فعليه العلم بأصوله من استقراء ودقيق اختصاص، كما هو الحال في أصول التفسير، ومن لم يحكم على مرويات التفاسير بضابط المتن في علم الحديث، اكتفى بتدوين الكلام مع اختلافه؛ لذلك أتى في آثار الصحابة المنقولة ما كان فيه اضطراب واختلاف كبير في المتن.
أما ما تسبب به تأخر التدوين وما نتج عنه من زيادة في المرويات الضعيفة فهو ظاهر في العديد من الأمور:
الأول: وهو الأهم أن رواية المحدِّثين كانت تعتمد على السماع أكثر من الكتابة، بينما أصبحت رواية المفسرين تعتمد على الكتب أكثر من كلام المحدثين لطول العهد، وعلم الجرح والتعديل تكفل بمعرفة أحوال المحدثين لا أحوال الكاتبين، وإن كان المحققون قد ذكروا بعض المشهورين من الكتبة وبيّنوا أحوالهم، لما اشتُهر عنهم من أحوال دعت لبيان حالهم، ولكن لا سبيل لحصر الأوراق وما كُتب في مجالس التفسير، إذ أكثر روادها من عوام المسلمين. كما أن الكتب يقع عليها التحريف والتصحيف، ولا مجال لمعرفة الصحيح منها في كثير من الأحيان، لعدم القدرة على معرفة خطوط الكاتبين وإضافاتهم، أما خطوط المحدثين فقد كانت محفوظة في


الصفحة التالية
Icon