ما كان من أمره ببعض الزيادة أو النقص والتغيير فقالوا مثلاً إن صاحب الملك كان من أهل مصر وهو الفرعون (١) - مع العلم أن كلمة فرعون لم ترد في تاريخ مصر القديمة، وهذا دليل على أنها صفة من أقوام آخرين، ومنهم بني إسرائيل - والقرآن يقول هو الملك، وفيه إشارة على أن الملك زمن يوسف لم يكن من أهل مصر، بل كان من قوم آخرين، وهو ما نص عليه التاريخ من أن الهكسوس حكموا مصر في ذلك التاريخ (٢)، فنكذبهم بما قال القرآن بظاهر النص كعقيدة، وبما علمناه من التاريخ المثبت كحقيقة، ولا نكذبهم فيما أوردوه من تفاصيل، إلا ما خالف نصاً أو علماً وصلنا بطريق سليم، وكذلك قصة فرعون مع موسى وما كان فيها من تفاصيل، فقد بيّن القرآن هذه القصة بأروع ما يكون، حتى كانت أكثر القصص تكراراً في القرآن مما يلزمنا بعدم أخذ الزيادات والخرافات من بني إسرائيل، وقد جاء في كلامهم أنهم لم يؤمنوا بموت فرعون إلا بعد طلبهم رؤية جثته، فألقاها البحر على هضبة، فما لنا وهذا الكلام؟ أفيه من فائدة ترجى بعدما كرر القرآن قصة موسى وفرعون حتى صارت محفورة في قلوبنا، والطامة أن البعض فسر عليها قوله تعالى ﴿الْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً... الآية ٩٢ يونس﴾ فالعلم والقرآن حكموا بأن جثة فرعون نجت بعد غرقه، فالقرآن يقول إن الله نجّى جثة فرعون بعد موته لتكون عبره لمن خلفه واكتفى، وفيه الكفاية للمسلمين ولا نزيد، والعلم يقول بأن الفراعنة هم أهل التحنيط وسادته، وأن جثث الفراعنة قد حفظت ليومنا هذا على اليقين من علم الآثار والتاريخ، وهي ظاهرة للعيان، فأي فائدة من خرافات بني إسرائيل وذكرها إن كانت تفسر القرآن، وقد نزل القرآن لتكذيبهم ولبيان الحق فيهم.

(١) انظر سفر التكوين (إصحاح ٤١ - ٤٠)
(٢) للتأصيل: اقرأ ما ذكره الشعراوي في كتاب الأدلة المادية على وجود الله عن هذا الموضوع.


الصفحة التالية
Icon