انتفاع المؤمنين بالأمثال المضروبة دون غيرهم
ثم أخبر الله أن المثل كالقرآن فقال تعالى: ﴿يُضِلُّ بِهِ كَثِيرًا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيرًا﴾ [البقرة: ٢٦].
والقرآن كالمطر، والمطر لا يُنبِت في كل أرض ينزل عليها، وقد قال الله: ﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ﴾ [الإسراء: ٨٢]، لمن؟ ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا﴾ [الإسراء: ٨٢]، وقال: ﴿قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ﴾ [فصلت: ٤٤]، وذكر الذين كفروا فقال: ﴿وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى﴾ [فصلت: ٤٤]، وكذلك الأمثال التي يضربها الله جل وعلا في القرآن ينتفع بها المؤمنون ولا ينتفع بها أهل الفسق والكفر والفجور.
ثم قال الله: ﴿وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ [البقرة: ٢٦]، والفسق يأتي على معنيين: الأول: الكفر، ويكون مخرجاً من الملة، ومنه قول الله جل وعلا: ﴿أَفَمَنْ كَانَ مُؤْمِنًا كَمَنْ كَانَ فَاسِقًا لا يَسْتَوُونَ﴾ [السجدة: ١٨]، ويأتي بمعنى الكبيرة أو العصيان الذي لا يخرج من الملة، ومنه قول الله جل وعلا: ﴿إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا﴾ [الحجرات: ٦]، فهذا فسق لا يخرج من الملة، وأصل الفسق: الخروج، فكل من خرج عن طاعة الله فهو فاسق، والناس في هذا -بلا شك- على درجات عدة.