شذوذ قوم لوط وانتكاس فطرهم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فإننا نستعين الله جل وعلا في تفسير كلامه جل وعلا، وكنا قد انتهينا في الدرس الماضي إلى سورة الأعراف، وسنشرع في هذا الدرس -إن شاء الله- في تفسير سورة الأنفال.
وقبل أن نشرع فيها نذكر بعض ما كنا قد تأملناه حول سورة الأعراف التي تمت دراستها عبر درسين.
فكنا قد ذكرنا أن الله جل وعلا ذكر ثلة من أنبيائه ورسله في سورة الأعراف بدءاً بنوح وانتهاءً بموسى عليهم السلام، ووقفنا عند اثنين منهم هما لوط وموسى عليهما الصلاة السلام، وذكرنا عن قوم لوط أن الفطرة انتكست عندهم، فكانوا يأتون الذكران من العالمين، ولذلك لم يكن بينهم وبين رسولهم أخذ ولا عطاء؛ فإن الله جل وعلا ذكر أن الأنبياء تحاوروا مع من بعثوا إليهم من الأمم، فقوم ثمود قالوا لصالح: ﴿قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا﴾ [هود: ٣٢]، وقالوا له: ﴿قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَذَا﴾ [هود: ٦٢].
وقال قوم شعيب لشعيب قريباً من ذلك، وغير ذلك مما ذكره الله من محاورات الرسل لأممهم.
وأما قوم لوط فإنهم لما انتكست الفطرة عندهم لم يبق لهم عقول يحاورون بها، قال الله عنهم: ﴿وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ﴾ [الأعراف: ٨٢]، فعاملهم الله جل وعلا بالمثل، فقال الله تبارك وتعالى: ﴿جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ﴾ [هود: ٨٢].