المراد باصطفاء الله موسى على الناس
ثم قلنا بعد ذلك: إن الله جل وعلا قال لموسى عليه السلام: ﴿قَالَ يَا مُوسَى إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ بِرِسَالاتِي وَبِكَلامِي فَخُذْ مَا آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ﴾ [الأعراف: ١٤٤]، وقلنا: إن هذه الكلمة ((عَلَى النَّاسِ)) ليست على إطلاقها، وإن من الآلة العلمية في تفسير كلام الله أن يكون الإنسان مطلعاً على اللغة مطلعاً على الأحاديث مطلعاً على التاريخ، فقول الله جل وعلا لموسى: ﴿إِنِّي اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ﴾ [الأعراف: ١٤٤] لا يمكن أن يكون على إطلاقه لعموم الناس؛ لأن نبينا ﷺ أفضل من موسى بالاتفاق، فموسى عليه السلام أفضل أهل زمانه، وأما من قبله فإبراهيم أفضل منه، بل إن موسى من ذرية إبراهيم، وجميع الأنبياء الذين من بعد إبراهيم من ذرية إبراهيم باستثناء لوط على الخلاف في أنه ابن أخيه؛ لأن الله قال: ﴿وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ﴾ [العنكبوت: ٢٧]، فما بعث نبي من الأنبياء، ولا أُنزل كتاب من السماء إلا على رجل من ذرية إبراهيم.
والمقصود أن موسى عليه السلام أفضل أهل زمانه، ولكنه ليس أفضل ممن كان من قبل، فإبراهيم أفضل منه، ولا هو أفضل ممن بعده؛ لأن نبينا ﷺ أفضل الرسل كلهم.
هذا ما انتهينا إليه حول سورة الأعراف.


الصفحة التالية
Icon