بيان كرامة الملائكة
يقول الرب جل وعلا: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ﴾ [الذاريات: ٢٤]، هذا يسمى أسلوب تفخيم، حتى يتهيأ النبي ﷺ ليسمع الخطاب.
وكلمة (ضيف) تطلق على المذكر وعلى المؤنث، وعلى المفرد وعلى المثنى وعلى الجمع، وقوله تعالى: (المكرمين) معناه أنهم مكرمون أصلاً، ومكرمون عارضاً.
فهم مكرمون أصلاً؛ لأنهم ملائكة، والدليل قوله تعالى: ﴿كِرَامًا كَاتِبِينَ﴾ [الانفطار: ١١] وأوضح منها قوله تعالى: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ﴾ [الأنبياء: ٢٦]، فهذا نعت للملائكة بأنهم مكرمون أصلاً.
وهم مكرمون عارضاً لأنهم ضيوف، ومن شدة كرمه عليه السلام باشر بإكرامهم بنفسه، فهو الذي قدم الطعام، وهو الذي أدخلهم، وهو الذي دعاهم فقال: (ألا تأكلون) ومن عناية الرجل بضيفه أن يباشر هو بنفسه إكرام الضيف، فهذا معنى قول ربنا: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلامًا قَالَ سَلامٌ قَوْمٌ مُنكَرُونَ﴾ [الذاريات: ٢٤ - ٢٥].