بيان معنى النُكْر والنُكُر والمنكر
(نُكُر)، و (نُكْر)، و (منكر).
فأما نكُر -بضم الكاف- فلم ترد في القرآن إلا في هذه السورة: ((يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ)).
وأما (نُكْر) فقد وردت ثلاث مرات بسكون الكاف.
وأما (منكر) فقد وردت تقريباً ثلاث عشرة مرة.
والفرق بينها أن (نُكُر) و (نُكْر) بالضم والسكون بمعنى واحد، وإذا كان التغيير في قلب الكلمة فغالباً لا يضير ذلك، ويضير أحياناً.
والمنكر ضد المعروف، وهو الباطل الذي هو ضد الحق، أي: الشيء غير المشروع الذي لم يأذن به الله، والذي لم يأذن به الله شرعاً يسمى منكراً، قال الله عن هذه الأمة: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ [آل عمران: ١١٠]، وقال الله: ﴿وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا﴾ [المجادلة: ٢] أي: باطلاً.
أما النُكْر فهو الشيء العظيم الذي تفزغ منه الأنفس، ولا يلزم أن يكون باطلاً، وقد يكون عين الحق، وسنأخذ الآيات التي ورد فيها النُكُر والنُكْر.
فأولها: الآية التي بين أيدينا: ((يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ)) أي: إلى شيء عظيم، وهو الحشر، والحشر حق ليس بباطل، ولكنه أمر يشيب له الغلمان، ويشيب له الصبيان، ﴿وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا﴾ [الحج: ٢]، فهو أمر مهول، فعبر الله عنه بنُكُر.
و (نُكْر) إذا جاءت بالسكون تكون أخف، ومثال ذلك في القرآن أن الله ذكر قصة موسى مع الخضر، فلما قتل الخضر الصبي الغلام قال له موسى: ﴿أَقَتَلْتَ نَفْسًا زَكِيَّةً بِغَيْرِ نَفْسٍ لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا نُكْرًا﴾ [الكهف: ٧٤]، فمعنى (نُكْر): شيء مهول يتعجب منه الإنسان، ولكن فعل الخضر كان حقا؛ لأنه قال ﴿وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي﴾ [الكهف: ٨٢]، أي: فعله عن أمر الله.
وأخبر الله جل وعلا عن الملك الصالح ذي القرنين بأنه قال جل وعلا له: ﴿يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا * قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا﴾ [الكهف: ٨٦ - ٨٧]، أي: عذاباً مهولاً مخوفاً، وتعذيب الله لأهل الكفر حق وليس بباطل.