بيان المراد بإضافة المساجد إلى الله وإضافتها إلى غيره
وقد دلت السورة كذلك على أن المساجد لله، حيث قال تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: ١٨]، ومن اليقين أن هذه الآية من كلام الله، وليست من كلام الجن.
وهنا مسألة، وهي أنه لو قال لك قائل: ما اسم هذا المسجد، فقلت له: اسمه مسجد فلان، فقال لك: كيف والله يقول: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ﴾ [الجن: ١٨] وأنت تقول: مسجد فلان؟ والجواب أن يقال: إن المساجد تضاف إلى لله تشريفاً، وتضاف إلى غيره تعريفاً، والدليل من السنة على أن المساجد تضاف إلى غير الله قوله صلى الله عليه وسلم: (وصلاة في مسجدي هذا)، وقوله: (من أتى مسجد قباء)، وفي الصحيح أنه أجرى الخيل من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق.
فهذا كله أدلة على أن المساجد تضاف إلى غير الله، ولكن تضاف إلى الله تشريفاً، وتضاف إلى غير الله تعريفاً.
وقد ذكروا أن هارون الرشيد الخليفة العباسي المعروف غضب يوماً على أحد حرسه أو أحد خدمه، فأقسم بالله على أن امرأته طالق إن بات هذا الرجل في ملكه، وخلافة هارون الرشيد كانت خلافة عامرة، فكل البلاد الإسلامية تبع لـ هارون الرشيد، فسأل أحد العلماء: أين يبيت هذا وأنا قد حلفت على أنه لا يبيت الليلة في ملكي، وأنا أملك من المشرق إلى المغرب، فأشار إليه بأن يبيت الرجل في المسجد؛ لأن الله يقول: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ [الجن: ١٨].