تفسير قوله تعالى: (الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور)
ثم قال سبحانه: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ [البقرة: ٢٥٧].
ففي اللغة إفراد وجمع، وغالب استعمال القرآن إذا وجد مفرد مقابل جمع أن يقابل بين فاضل ومفضول، أو بين حق وباطل، وتأمل القرآن، فالله يقول: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ﴾ [الأنعام: ١] فجمع الظلمات وأفرد النور، وقال في النحل: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ﴾ [النحل: ٤٨] فأفرد اليمين وجمع الشمائل؛ لأن اليمين أفضل من الشمائل، وهنا قال: ﴿يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ﴾ [البقرة: ٢٥٧] فجمع الظلمات وأفرد النور، وقال سبحانه: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [الأنعام: ١٥٣] فجمع السبل، وأفرد صراط الله، ذلك أن الحق واحد والكفر أجناس متعددة يجمعها الباطل.


الصفحة التالية
Icon