ذكر سبب تسميتها بالفاضحة
هذه السورة من أسمائها الفاضحة، وهذا مروي عن ابن عباس؛ لأنها فضحت أحوال أهل النفاق، وكما رواه سعيد بن جبير.
وسعيد بن جبير تلميذ ابن عباس، وهو أحد مشاهير التابعين، خرج على الخليفة عبد الملك بن مروان فقتله الحجاج بن يوسف بأمر عبد الملك بن مروان في فتنة عبد الرحمن بن الأشعث.
ولما قتل الحجاج سعيد بن جبير قال الإمام أحمد رحمه الله: قتل الحجاج سعيداً وما من أحد من أهل الأرض إلا وهو مفتقر إلى علم سعيد.
والذي يعنينا أن سعيد بن جبير يقول: سألت ابن عباس عن سورة براءة فقال: هي الفاضحة، ما زال ينزل (ومنهم ومنهم ومنهم)، يعني: يذكر الله فيها المنافقين بصفاتهم، كقوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا﴾ [التوبة: ٥٨] إلخ الآيات، يقول: فما زال ينزل: (ومنهم ومنهم ومنهم) حتى خفنا ألا تدع أحداً منهم.
فلذلك سميت بالفاضحة؛ لأنها فضحت أحوال أهل النفاق والعياذ بالله.
وقد أوصل الزمخشري رحمه الله عدد أسماء السورة إلى أربعة عشر اسماً في كتابه الكشاف، والزمخشري عالم لغوي شهير، ولكن عقيدته هي عقيدة المعتزلة، فـ جار الله الزمخشري -رحمه الله وعفا عنه- من مشاهير المعتزلة، ودافع عن مذهبهم دفاعاً صلباً، وإن كان من أفذاذ العلماء في اللغة، وقد مات وأفضى إلى ما قدم.
فالذي ذكره أربعة عشر اسماً للسورة، وكلها تدور في فلك واحد حول قول سعيد بن جبير: إنها الفاضحة.


الصفحة التالية
Icon