إيجاز لما سبق تفسيره من آي سورة التوبة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فما زلنا نتفيأ دوحة سورة التوبة في التعليق عليها، وقد سبق الحديث عنها أولاً حول مجمل عدد آيها، وأسمائها، وما تعلق بها من موضوعين رئيسيين.
وقلنا: إن هذه السورة هي السورة الوحيدة في القرآن التي لم تصدر بقوله جل وعلا: (بسم الله الرحمن الرحيم)، وذكرنا أن للعلماء في هذه أقوالاً عدة خلصنا منها إلى ثلاثة أقوال، ثم قلنا: إن من أرجح الأقوال فيها أنها نزلت بالسيف، وأن (بسم الله الرحمن الرحيم) تتضمن الرحمة والأمان، وهذان لا يتفقان، وقلنا: إن هذا القول منسوب إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، وإلى سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى.
كما قلنا: إن النبي ﷺ بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليلحق بـ أبي بكر الصديق رضي الله عنه في مسيره رضي الله عنه حين جعله أميراً للحج في السنة التاسعة من الهجرة، وقلنا: إن النبي عليه الصلاة والسلام لم يشأ أن يحج في ذلك العام؛ لأن العرب كان بعضهم يطوف عراة، فأمر النبي ﷺ علياً بأربعة أمور: أمره بأن ينادي بأن من كان له مع النبي ﷺ عهد فعهده إلى مدته، وأنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة، وأن لا يطوف بالبيت عريان، وأن لا يحج بعد هذا العام مشرك، وأنزل الله جل وعلا قوله: ﴿إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا﴾ [التوبة: ٢٨].
ثم شرعنا في بيان الآية الخامسة منها، وهي آية السيف، وتكلمنا عنها، وشرحنا ما تعلق بها من عام وخاص وفق ما سلف قوله.