تفسير قوله تعالى: (وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحماً طرياً)
ثم قال الله جل وعلا: ﴿وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [النحل: ١٤].
الفلك هي السفن، وجاءت في كلام الله مذكرة ومؤنثة، وبالاستقراء علم أنه إذا ذكرها الله مذكرة فإنه يراد بها السفينة الواحدة، وإذا أراد الله بها جمع السفن فإنها تؤنث.
فالله تعالى يقول: ﴿وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * وَخَلَقْنَا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ مَا يَرْكَبُونَ﴾ [يس: ٤١ - ٤٢]، فقوله تعالى: ((مِنْ مِثْلِهِ)) الضمير فيه عائد على الفلك، والمراد سفينة نوح، فالمقصود السفينة بعينها.
وقال تعالى: ﴿وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ﴾ [البقرة: ١٦٤]، ((وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ)) فجاء بتاء التأنيث ((تَجْرِي)) الداخلة على الفعل المضارع؛ لأن الفلك هنا جاءت على يراد بها الجمع.
أما البحر فهو معروف، ويخرج الله منه اللؤلؤ والمرجان، كما قال جل وعلا: ﴿يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ﴾ [الرحمن: ٢٢].


الصفحة التالية
Icon