تفسير قوله تعالى: (ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه)
قال الله جل وعلا: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ * أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ * فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ﴾ [هود: ٢٥ - ٢٧] أي: أشراف الناس ﴿مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا﴾ [هود: ٢٧] أي: ومن أعظم ما أخذه الأنبياء على رسلهم أنهم بشر، ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾ [هود: ٢٧].
وكل دين أول من يدخل فيه هم الضعفاء؛ لأن الضعفاء غالباً مضطهدون من الوجهاء والأعيان، فيكون هؤلاء الضعفاء في أحوج شيء إلى من يأتي ويغير الحال الذي يعيشونه، فإذا جاء الأنبياء بالصلاح وغيروا النظم الاجتماعية القائمة على الظلم والقهر في أقوامهم، كان هؤلاء الضعفاء أول من يتبعهم، ويكون الوجهاء المستفيدون من ذلك الحال أول من يحارب الأنبياء.
قال تعالى: ﴿بَادِيَ الرَّأْيِ﴾ [هود: ٢٧].
قيل: المعنى: أول الأمر.
أي: هؤلاء أصحاب مهن وضيعة لا يفكرون ولا يتريثون، وإنما تبعوك عجلة من دون تفكر، ومن دون تمعن، ومن دون أخذ ولا عطاء ولا روية.
قال تعالى عنهم: ﴿وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ﴾ [هود: ٢٧].


الصفحة التالية
Icon