تفسير قوله تعالى: (وأوحي إلى نوح أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن)
فلما كان الأمر كذلك قال الله جل وعلا: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [هود: ٣٦].
وقد مكث نوح يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، فأصبح الناس على حالين متميزين، فتميز الكافر من المؤمن، فأوحى الله جل وعلا إليه أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن، فلما أوحى الله جل وعلا إليه بهذا الأمر قال دعاءه المشهور: ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦].
فلو قال داع اليوم: ﴿رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا﴾ [نوح: ٢٦] فإنه لا يصح ذلك؛ لأنه لا يدري من يكتب الله له الهداية ممن لا يكتبها.
فالإنسان يتقيد بالشرع، أما نوح فكان يعلم؛ لأن الله قال له: ﴿وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ﴾ [هود: ٣٦].