تفسير قوله تعالى: (وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها)
قال جل وعلا فيها: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ * وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَلَئِنْ أَخَّرْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِلَى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ لَيَقُولُنَّ مَا يَحْبِسُهُ أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفًا عَنْهُمْ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون﴾ [هود: ٦ - ٨].
إن من المقطوع به شرعاً ونقلاً وعقلاً وطبعاً، أنه لا ملزم على الله، ولكن الله عندما يقول: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦] فهذا إلزام فضل لا إلزام واجب.
وحسب قواعد التفسير فإن الاسم إذا كان نكرة مسبوقاً بحرف الجر (من)، والجملة مسبوقة بـ (ما) النافية، فذلك أبلغ صيغ العموم، كمثل الآية التي بين أيدينا: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦].
فـ (ما) نافية و (من) للبيان، ودابة اسم جاء نكرة، فهذا من أبلغ صيغ العموم في كتاب الله جل وعلا، ثم يليه كلمة كل، والذي يعنينا من هذا أكبر وأبلغ صيغ العموم في كلام الله جل وعلا: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا﴾ [هود: ٦].
والله تعالى يقول في العنكبوت: ﴿وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [العنكبوت: ٦٠].


الصفحة التالية
Icon