بيان معنى قوله تعالى (ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب)
ثم قال سبحانه: ﴿وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا﴾ [هود: ٦].
اختلف العلماء في المراد بالمستقر والمستودع، والأشهر من أقوالهم أن المراد بالمستقر: المأوى في الدنيا، أي: المكان الذي تأوي إليه الدواب بعد أن تسرح، وأما مستودعها فهو مكان دفنها وموتها قبل اليوم الأخر.
(كُلٌّ) أي: كل ما يجري من أقدار الله من أرزاق وأخذ وعطاء ﴿فِي كِتَابٍ مُبِينٍ﴾ [هود: ٦].
والله جل وعلا عنده أم الكتاب، وأم الكتاب هو اللوح المحفوظ، وما في أم الكتاب لا يغير ولا يبدل، ولكن توجد كتب أخرى غير أم الكتاب هي التي يجري فيها التغير والتبديل، قال الله جل وعلا: ﴿يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ﴾ [الرعد: ٣٩]، ثم قال جل وعلا: ﴿وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٣٩].
فأم الكتاب هو الكتاب الذي لا يجري فيه تغير لا تبديل، وهو الذي عناه النبي ﷺ بقوله: (جفت الأقلام وطويت الصحف) أما غير ذلك فإن فيه تغييراً، كما جاء في الأحاديث أن صلة الرحم تزيد في العمر، وأن القدر والدعاء يعتلجان في السماء، فكل هذا مما يجري فيه التغيير، أما الكتاب المبين الأصل فلا يكون فيه تغير ولا تبديل.


الصفحة التالية
Icon