بيان المراد بالكلمة السواء
يقول تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ﴾ [آل عمران: ٦٤] وأهل الكتاب يندرج فيهم اليهود والنصارى؛ لأنه أنزل على اليهود التوراة المنزلة على موسى، وعلى النصارى الإنجيل المنزل على عيسى.
قال تعالى: ﴿تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ﴾ [آل عمران: ٦٤] سواء هنا بمعنى: عدل وإنصاف ﴿تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾ [آل عمران: ٦٤] وهذا إجمال، وهذا الإجمال فسره ما بعده، وهو قوله تعالى: ﴿تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ﴾ [آل عمران: ٦٤]، فما الكلمة السواء هي ﴿أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ٦٤]، فقول ربنا جل وعلا: ﴿أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾ [آل عمران: ٦٤] هي الكلمة السواء التي دعا النبي ﷺ أهل الكتاب من اليهود والنصارى إليها.
فاليهود يقولون: عزير ابن الله، والنصارى تقول: المسيح ابن الله، وكلا الفريقين على خطأ معلوم، فدعاهم نبينا ﷺ إلى كلمة يتفق الجميع عليها، وهذه الكلمة لا بد من أن تكون كلمة عدل، وهي (لا إله إلا الله).
وقوله تعالى: ﴿وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا﴾ [آل عمران: ٦٤]، تأكيد لقوله: ﴿أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ﴾ [آل عمران: ٦٤] لأن المعنى واحد، فقوله: (ألا نعبد إلا الله) أسلوب حصر، فيه نفي واستثناء، فـ (لا نعبد) نفي، و (إلا الله) استثناء، وقوله: (ولا نشرك به شيئا) تأكيد لما قبله.


الصفحة التالية
Icon