بعض الفوائد النحوية في القرآن
والآية الثالثة التي سنقف عندها قول ربنا جل وعلا: ﴿وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [يونس: ١٢].
بالاستقراء نقول: إن كلمة الضر إحدى كلمتين في القرآن جاءت في آية واحدة ومرت عليها الأحوال النحوية الثلاثة، قال الله: ﴿وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ﴾ [يونس: ١٢]، فهي هنا فاعل.
﴿وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ﴾ [يونس: ١٢] وقعت مفعولاً منصوباً.
﴿مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ﴾ [يونس: ١٢]، وهي مجرورة هنا، فمر عليها الرفع والنصب والجر، ولا يوجد حالة للاسم غير هذه الثلاث فإما أن يرفع، وإما أن ينصب، وإما أن يجر.
والكلمة الثانية الحج في البقرة، قال الله: ﴿الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ﴾ [البقرة: ١٩٧]، فهذا فائدة نحوية، وقد تجد أنت في القرآن غير هذا لكن هذا الذي وجدته أنا.
نعود للآية السابقة، فهي تتكلم عن الإنسان، وهنا أل للاستغراق للجنس، وقلنا: إن أل إما أن تأتي للاستغراق والجنس، وإما تأتي للعهد، فإذا جاءت للعهد فإنها تنقسم إلى قسمين: عهد لفظي وعهد ذهني.
وأما مجيئها للجنس فهو أكثر ما تأتي في القرآن ويقصد بها استغراق جنس الإنسان، فكلام الله هنا عن كل إنسان، فالله يقول: ﴿وَإِذَا مَسَّ الإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا﴾ [يونس: ١٢] يعني: لا يفتأ يدعو ربه على كل حال.


الصفحة التالية
Icon