تفسير قوله تعالى: (وإذ أخذ الله ميثاق النبيين)
ثم قال سبحانه: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: ٨١].
اختلف العلماء في تفسير هذه الآية فانقسموا إلى فريقين: فريق يرى -وهم الأقل من العلماء- أن هذه الآية شاملة لجميع الأنبياء، والمعنى عندهم أن الله جل وعلا بعث النبيين بغاية واحدة هي عبادته سبحانه، فيأخذ الله جل وعلا من كل نبي أن يبين هذا للناس وأن يُعينه مَنْ بعده على هذا الطريق.
والأكثرون من العلماء -وهو المحفوظ المنقول عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - أن هذه الآية منقبة لنبينا صلى الله عليه وسلم، فيصبح معنى الآية أن هناك ميثاقاً، وهناك من أخذ الميثاق، وهناك من أُخذ عليهم الميثاق.
فأما الذي أخذ الميثاق فهو الرب جل وعلا، وهذا واضح في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ﴾ [آل عمران: ٨١]، والذين أخذ منهم الميثاق هم النبيون وأتباعهم، وإنما ذكر الله النبيين؛ لأن الأنبياء رءوس الناس والذي أخذه الله منهم هو متى ظهر نبينا ﷺ في زمانهم وجب عليهم أن يتبعوه، كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ﴾ [آل عمران: ٨١] والمقصود به نبينا ﷺ ﴿مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي﴾ [آل عمران: ٨١]، والإصر بمعنى: العهد ﴿قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ﴾ [آل عمران: ٨١].


الصفحة التالية
Icon