تفسير قوله تعالى: (وإذ أوحيت إلى الحواريين أن آمنوا بي)
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إله الأولين وإله الآخرين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد: فهذا -بعون الله وتوفيقه- الدرس الثاني حول تفسير سورة المائدة، وبه نختم -إن شاء الله تعالى- هذه السورة، وقد بينا غير مرة أن منهجنا في التفسير هو أننا ننتقي ونختار آيات من السورة التي نعنى بتفسيرها، وما كان من الآيات معنياً كثيراً بالفقهيات نحاول أن نبتعد عنه؛ لأن هذا له موطن آخر.
والآيات التي نستعين بالله جل وعلا على تفسيرها هي من قول الله تبارك وتعالى: ﴿وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ﴾ [المائدة: ١١١] إلى آخر السورة.
فنقول مستعينين بالله تبارك وتعالى: هذه الآيات تتكلم عن نبي الله عيسى ابن مريم عليه الصلاة والسلام، وقد جرت سنة الله تبارك وتعالى في خلقه أنه ما بعث رسولاً إلا ويؤيده في الغالب بأنصار وأصحاب يعضدونه، كما قال الله في حق نبينا صلى الله عليه وسلم: ﴿هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ﴾ [الأنفال: ٦٢]، كما يجعل فريقاً آخر يعاند ذلك النبي ويعاديه، قال الله جل وعلا: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا﴾ [الفرقان: ٣١].