تفسير قوله تعالى: (إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك)
وبعد أن ذكر الله جل وعلا أن الحواريين كانوا أنصاراً لعيسى ابن مريم -أي: خلصاء وأصحاباً وأصفياء ويعضدونه ويؤمنون بالله- قال جل وعلا: ﴿إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [المائدة: ١١٢].
هذه الآية فيها قراءتان: القراءة الأولى المشهورة التي بين أيدينا: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا﴾ [المائدة: ١١٢]، والقراءة الثانية: (هل تستطيع ربَّك) بالتاء بدلاً من الياء، وبنصب (رب) بدلاً من رفعها، وهي قراءة الكسائي ومن وافقه من القراء، ومعنى الآية مع تقدير المحذوف: هل تستطيع أن تسأل ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء؟ فهذه القراءة قرأ بها الكسائي، وكانت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنه تختارها.
وعلى القراءة الأولى -وهي قراءتنا في المصحف الذي بين أيدينا- يصبح معنى الآية: ﴿هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ﴾ [المائدة: ١١٢] الاستطاعة المعروفة، وليس المقصود إظهار عجز الله كما سيأتي.