شُمْطٍ... فلم يَزَلْ صَوْبِي بها ومَعْطِي... حَتى علا الرأسَ دَمٌ يُغَطِّي (١)
فزعم أنه أراد بذلك الخبر عن المرأة أنها في"أبي جاد"، فأقام قوله:"لما رأيت أمرها في حُطِّي" مقامَ خبرِه عنها أنها في"أبي جاد"، إذْ كان ذاك من قوله، يدلّ سامعَه على ما يدلُّه عليه قوله: لما رأيت أمرَها في"أبي جاد".
وقال آخرون: بل ابتدئت بذلك أوائل السُّور ليفتح لاستماعه أسماعَ المشركين - إذ تواصَوْا بالإعراض عن القرآن- حتى إذا استمعوا له، تُلي عليهم المؤلَّفُ منه.
وقال بعضهم: الحروفُ التي هي فواتح السُّور حروفٌ يستفتحُ الله بها كلامه.
فإن قيل: هل يكون من القرآن ما ليس له معنى؟
قيل (٢) : معنى هذا أنه افتتح بها ليُعْلم أن السورة التي قبلها قد انقضت، وأنه قد أخذ في أخرى، فجعل هذا علامةَ انقطاعِ ما بينهما، وذلك في كلام العرب، ينشد الرجل منهم الشعر فيقول:
بل * وبلدةٍ مَا الإنسُ من آهَالِها (٣)
ويقول:
لا بَل * مَا هاج أحزانًا وشَجْوًا قد شَجَا (٤)
و"بل" ليست من البيت ولا تعد في وزنه، ولكن يقطع بها كلامًا ويستأنفُ الآخر.
(٢) في المطبوعة والمخطوطة: "فإن قيل: هل يكون من القرآن ما ليس له معنى؟ فإن معنى هذا... "، وهو كلام مضطرب، والصواب ما أثبتناه.
(٣) اللسان (أهل) غير منسوب، وكأنه لأبي النجم فيما أذكر.
(٤) هو للعجاج، ديوانه: ٧، ويأتي بعد قليل في: ٢١٢ أيضًا و: ٢٢٣.