٢٤٥- وكما حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: حدثنا ابن عُليَّة، عن أيوب، وابن عون، عن محمد، قال: لما مات يزيدُ بن معاوية قال لي عَبْدَة: إني لا أراها إلا كائنةً فتنةً، فافزع منْ ضَيْعَتِكَ والحقْ بأهلك. قلت: فما تأمرني؟ قال: أحَبُّ إليّ لك أنْ تا - قال أيوبُ وابن عون بَيده تحت خدِّه الأيمن، يصف الاضطجاع - حتى ترى أمرا تَعرفه (١).
قال أبو جعفر: يعني بـ "تا" تضطجع، فَاجتزأ بالتاء من تضطجع. وكما قال الآخر في الزيادة في الكلام (٢) على النحو الذي وصفت:

أقُول إِذْ خَرَّتْ على الكَلكالِ يَا ناقَتِي ما جُلْتِ من مَجَالِ (٣)
يريد: الكَلْكل، وكما قال الآخر:
إنّ شَكْلِي وَإن شَكْلَك شَتَّى فَالزْمي الخُصَّ واخْفِضِي تَبْيضِضِّي (٤).
فزاد ضادًا، وليست في الكلمة.
قالوا: فكذلك ما نقصَ من تمام حُروف كل كلمة من هذه الكلمات التي ذَكرنا أنها تتمة حروف"ألم" ونظائرها - نظيرُ ما نقص من الكلام الذي حكيناهُ عن العرب في أشعارها وكلامها.
وأما الذين قالوا: كل حرف من"ألم" ونظائرها، دالُّ على معان شتى -
(١) الأثر ٢٤٥- محمد: هو ابن سيرين. وعبدة: لم أوقن من هو ولم أرجح. بل أكاد أوقن أن هذا تحريف، صوابه"عبيدة" بفتح العين وكسر الباء الموحدة وآخرها هاء. وهو عبيدة بن عمرو -أو ابن قيس- السلماني، من كبار التابعين، من طبقة الصحابة، أسلم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يلقه. وكان ابن سيرين من أروى الناس عنه. وهو مترجم في التهذيب، وفي ابن سعد ٦: ٦٢ - ٦٤، وعند ابن أبي حاتم ٣/١/ ٩١. وأما يزيد: فهو يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، مات سنة ٦٤. وقوله: "قال أيوب... "، أي أشار.
(٢) في المطبوعة: "في الكلام".
(٣) اللسان (كلل)، ومشكل القرآن: ٢٣٥. والكلكل: الصدر من البعير وغيره.
(٤) اللسان (بيض) (خفض)، ومشكل القرآن: ٢٣٤. يقوله لامرأته. والخص: البيت من قصب. وقوله"اخفضى" من الخفض: وهو الدعة ولين العيش. يقول لها: نحن مختلفان، فالزمى بيتك وعيشي في دعة وخفض، يزدك لين العيش بياضًا ونعمة. أما أنا فالرحلة دأبى، تشقيني وتلوحني.


الصفحة التالية
Icon