سفيان، عن بَيَان، عن الشعبي،"هُدًى" قال: هُدًى من الضلالة (١).
٢٦٠- حدثني موسى بن هارون، قال: حدثنا عمرو بن حماد، قال: حدثنا أسباط بن نصر، عن إسماعيل السُّدّي، في خبر ذكره عن أبي مالك، وعن أبي صالح، عن ابن عباس وعن مُرة الهَمْداني، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم،"هدى للمتقين"، يقول: نور للمتقين (٢).
والهدى في هذا الموضع مصدرٌ من قولك: هديتُ فلانًا الطريق -إذا أرشدتَه إليه، ودللَته عليه، وبينتَه له- أهديه هُدًى وهداية.
فإن قال لنا قائل: أوَ ما كتابُ الله نورًا إلا للمتّقين، ولا رَشادًا إلا للمؤمنين؟ قيل: ذلك كما وصفه رّبنا عزّ وجل. ولو كان نورًا لغير المتقين، ورشادًا لغير المؤمنين، لم يخصُصِ الله عز وجل المتقين بأنه لهم هدًى، بل كان يعُمّ به جميع المنذَرين. ولكنه هدًى للمتقين، وشفاءٌ لما في صدور المؤمنين، وَوَقْرٌ في آذان المكذبين، وعمىً لأبصار الجاحدين، وحجةٌ لله بالغةٌ على الكافرين. فالمؤمن به مُهتدٍ، والكافر به محجوجٌ (٣).
وقوله"هدى" يحتمل أوجهًا من المعاني:
أحدُها: أن يكون نصبًا، لمعنى القطع من الكتاب، لأنه نكرة والكتاب معرفة (٤). فيكون التأويل حينئذ: ألم ذلك الكتاب هاديًا للمتقين. و"ذلك" مرفوع بـ "ألم"، و"ألم" به، والكتابُ نعت لـ "ذلك".
وقد يحتمل أن يكون نصبًا، على القطع من رَاجع ذكر الكتاب الذي في
(٢) الخبر ٢٦٠ - نقله ابن كثير ١: ٧١، ونقله السيوطي ١: ٢٤، والشوكاني ١: ٢٢ مع الخبر الآتي ٢٦٣، جعلاه خبرًا واحدًا، وذكراه عن ابن مسعود فقط.
(٣) حجه يحجه فهو محجوج: غلبه بالحجة فهو مغلوب.
(٤) يريد بقوله"لمعنى القطع"، أن يقطع عن نعت الكتاب، ويصير حالا.