وقد رُوِي عن ابن عباس في تأويل ذلك قول آخر، وهو ما:-
٢٩٧- حدثنا به المثنى بن إبراهيم، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، قوله: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)، قال: كان رسول الله ﷺ يحرِصُ أن يؤمن جميعُ الناس ويُتَابعوه على الهدى، فأخبره الله جل ثناؤه أنه لا يؤمنُ إلا من سبق له من الله السعادةُ في الذّكْر الأول، ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاءُ في الذكر الأول (١).
وقال آخرون بما:-
٢٩٨- حُدِّثت به عن عمار بن الحسن، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، قال: آيتان في قادةِ الأحزاب: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ)، قال: وهم الذين ذكرهم الله في هذه الآية: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ الْقَرَارُ) [سورة إبراهيم: ٢٨، ٢٩]، قال: فهم الذين قُتلوا يوم بدر (٢).
وأولى هذه التأويلات بالآية تأويلُ ابن عباس الذي ذكره محمد بن أبي محمد، عن عكرمة، أو عن سعيد بن جبير عنه. وإنْ كان لكلِّ قول مما قاله الذين ذكرنا قولهم في ذلك مذهب.
(٢) الأثر ٢٩٨- هكذا هو في الطبري، من قول الربيع بن أنس. وذكره ابن كثير ١: ٨٢ - ٨٣ مختصرًا من رواية الربيع بن أنس عن أبي العالية، ولم يذكر من خرجه. ونقله السيوطي ١: ٢٩، والشوكاني ١: ٢٨، بأطول مما هنا بذكر الأثر: ٣٠٩ معه، من قول أبي العالية أيضًا، ونسباه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم. فالظاهر أن الطبري قصر بإسناده أو قصر به شيخه المبهم.