القول في تأويل قوله جل ثناؤه: ﴿سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٦) ﴾
وتأويل"سواءٌ": معتدل. مأخوذ من التَّساوي، كقولك:"مُتَساوٍ هذان الأمران عندي"، و"هما عِندي سَواءٌ"، أي هما متعادلان عندي، ومنه قول الله جل ثناؤه: (فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ) [سورة الأنفال: ٥٨]، يعني: أعْلمهم وآذِنْهم بالحرب، حتى يَستوي علمُك وعلمُهم بما عليه كلُّ فريقٍ منهم للفريقِ الآخر. فكذلك قوله"سَواءٌ عليهم": معتدلٌ عندهم أيّ الأمرين كان منك إليهم، الإنذار أم ترك الإنذار لأنهم لا يؤمنون (١)، وقد خَتمتُ على قلوبهم وسمعهم. ومن ذلك قول عبيد الله بن قيس الرُّقَيَّات:
تُغِذُّ بيَ الشّهبَاءُ نَحْوَ ابن جَعْفٍر | سَوَاءٌ عَلَيْهَا لَيْلُهَا ونَهَارُهَا (٢) |
وَلَيْلٍ يَقُولُ المَرْءُ مِنْ ظُلُمَاتِه | سَوَاءٌ صَحِيحَاتُ العُيُونِ وَعُورُهَا |
وأما قوله: (أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ)، فإنه ظهرَ به الكلام ظهورَ الاستفهام وهو خبرٌ ; لأنه وَقع مَوقع"أيّ" كما تقول:"لا نُبالي أقمتَ أم
(١) في المطبوعة"كانوا لا يؤمنون".
(٢) ديوانه: ١٦٣، والكامل للمبرد ١: ٣٩٨، ٣٩٩. يمدح عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. أغذ السير وأغذ فيه: أسرع. ورواية ديوانه، والكامل"تقدت". وتقدى به بعيره: أسرع على سنن الطريق. والشهباء: فرسه، للونها الأشهب، وهو أن يشق سوادها أو كمتتها شعرات بيض حتى تكاد تغلب السواد أو الكمتة.
(٣) الشعر لمضرس بن ربعي الفقعسي. حماسة ابن الشجري: ٢٠٤.
(٢) ديوانه: ١٦٣، والكامل للمبرد ١: ٣٩٨، ٣٩٩. يمدح عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. أغذ السير وأغذ فيه: أسرع. ورواية ديوانه، والكامل"تقدت". وتقدى به بعيره: أسرع على سنن الطريق. والشهباء: فرسه، للونها الأشهب، وهو أن يشق سوادها أو كمتتها شعرات بيض حتى تكاد تغلب السواد أو الكمتة.
(٣) الشعر لمضرس بن ربعي الفقعسي. حماسة ابن الشجري: ٢٠٤.